اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
65166 مشاهدة print word pdf
line-top
([فصل] في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة)

ص (والمؤمنون يرون الله تعالى في الآخرة بأبصارهم، ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه، قال الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة]- وقال كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين]- فلما حجب أولئك في حال السخط، دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضى، وإلا لم يكن بينهما فرق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته حديث صحيح متفق عليه. وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير).


س 37 (أ) ما تقول في رؤية الله تعالى (ب) ومتى تكون. (ج) ومن الذي يراه. (د) وهل هي بصرية أو قلبية. (هـ) وبين الأدلة على ذلك مع إيضاح دلالتها. (و) وما معنى: لا تضامون؟ (ز) وما الجواب عن أدلة منكري الرؤية؟
ج 37 (أ) اتفق السلف وأهل السنة من الخلف على إثبات رؤية الله تعالى، رؤية حقيقية عيانا بالأبصار، مع تنزيه الرب تعالى عن مشابهة الخلق في شيء من خصائصهم وصفاتهم.
(ب) وهذه الرؤية تكون في يوم القيامة، وفي الجنة كما يشاء الرب سبحانه.
(ج) وتكون في الموقف للمؤمنين ومن معهم ممن يظهر الإيمان، ففي حديث أبي سعيد المتفق عليه يقول عليه السلام: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، قالوا: لا. قال: هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترون ربكم كذلك ثم ذكر أنه يتبع كل أحد ما يعبده، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله فيقول: ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا، فيقول: أنا ربكم فإذا رأوه خروا سجدا، ثم ذكر أن المنافق- الذي كان يسجد رياء- لا يستطيع السجود. وقد ذكر هذا في قوله تعالى يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ [القلم].
وتكون الرؤية في الجنة خاصة بالمؤمنين، فمنهم من ينظر إلى الله تعالى بكرة وعشيا، ومنهم من يزوره ويراه في مثل يوم الجمعة، ويسمى يوم المزيد، فالرؤية من أعلى نعيم أهل الجنة، فلهذا عوقب الكفار بالحجاب عن ربهم.
(د) ثم هي رؤية بالأبصار حقيقة، كما نطقت بذلك السنة، وأوضحه القرآن.
(هـ) وقد ذكر المؤلف عليها أدلة كافية - ففي الآية الأولى وصف الوجوه السعيدة بالنضارة، وهي البهاء والجمال، ثم صرح بأنها تنظر إلى ربها، وأضاف النظر إلى الوجوه لأنها محل الأعين، وفي الآية الثانية ذكر أن الكفار محجوبون عن ربهم. فلما حجب هؤلاء في الغضب، أفاد أن الأبرار ينظرون إلى الله في الرضا، فلو كان المؤمنون لا يرونه لكانوا محجوبين أيضا عن ربهم. وأما الأحاديث في إثبات الرؤية فكثيرة جدا، استوفاها ابن القيم -رحمه الله تعالى- في حادي الأرواح وغيره، وأشهرها حديث جرير المذكور إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أنها حقيقة لا التباس فيها ولا توهم، كما أنهم لا يشكّون في رؤية القمر.
(و) لا تضامون. أي لا يلحقكم ضيم، وهو الضرر والمشقة، وروي بفتح التاء وتشديد الميم، أي لا ينضم بعضكم إلى بعض حالة الرؤية، والأول أشهر.
(ز) والمنكرون للرؤية هم الجهمية، ومن قلدهم كالمعتزلة، وبعض المرجئة، قالوا: إن إثباتها يستلزم التشبيه، وإثبات الجهة، وذلك من شأن المحدثات والمركبات، ثم تكلفوا في رد دلالة النصوص بما يشهد العقل ببطلانه، فأهل السنة يثبتون جهة العلو لله كما سبق، ولا يلزم منها الحدوث والتجدد لشيء من صفات الله تعالى أما أدلتهم النقلية فأقواها قوله تعالى لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ [الأنعام]. يجاب عنها بأن الرؤية أخص من الإدراك فالمعنى لا تحيط به، إذا رأته لعجزها عن إدراك كنهه، فتكون الآية دليلا على الإثبات، واستدلوا بقوله تعالى لموسى لَنْ تَرَانِي لما قال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف]، فيقال: إنه لا يظن بموسى عليه السلام أن يسأل ما لا يجوز على الله، فهو لما سأل الرؤية منعه، لضعف البشر في الدنيا عن الثبوت لذلك، ولهذا لما تجلى الله تعالى للجبل اندك، وروي أنه غار في الأرض، ففي الآخرة يمد الله عباده بقوة يقدرون معها على رؤية ربهم.

line-bottom